تقرير : فداء عبد الجواد
دار المسنين ... مكان يفيض فيه الرحمة ... يحدثنا عن واقع أليم...
فعند دخول المكان ولأول وهلة تشعر أنك داخل سجن لكبار السن ولكن بمجرد أن تختلط بالنزلاء والمشرفين على الدار تشعر بمدي العطف والحنان والسكينة، وما أن تري خلية النحل التي تعمل ليل نهار ، تري عجبا، هناك عجزة على أسرة منهم المريض والمقعد ومنهم من يتحرك داخل الدار.
بين الثنايا
تتلفت باتجاه الباب وكأنها تنتظر زائراً ليخفف عنها الآلام وما أن دخلتُ عليها حتى بدأت الحاجة المسنة جميلة دادر تتفحص بين الوجوه علها تري وجها لزائرها المنتظر وعندما لم تجده أشاحت بوجهها اتجاه الحائط وعادت إلي مسبحتها تستغفر الله وتذكره ، ملامح الزمن حفرت وجهها السبعين وعادت إلي ذاكرتها لأعوام ماضية، أشارت متحدثة : كنت أعيش في بيت غير صحي لا يصلح لحياة حيوان فما بالكم بحياة إنسان وكان عندي ابن ولكن يا لأسفي عليه فهو مختل عقليا تزوج قبل أن يتأثر بحالة نفسية ولديه ابنة والحمد لله أطعمني إياها لتزورني بين الحين والآخر وأشكر ربي على فضله هذا . وتكمل حديثها قائلة : أنا مرتاحة في الدار لدرجة أنني أتعالج علاج طبي صحيح وأشعر بالحنان بين طاقم العمال وهكذا تمر الأيام علينا دون أن نشعر، وتنهي كلامها بقولها الأم مدرسة إذا أعددتها ..... أعددت شعبا طيب الأعراف.
اللهجة السورية ممزوجة باللهجة الفلسطينية
بلهجتها السورية الجميلة الممزوجة بالفلسطينية تطل علينا الحاجة المسنة رحمة مراد بالتحدث مشيرة بين المسنات إلي حياتها بسوريا عندما كانت طفلة وكيف كانت تحصل على درجات عليا في مدرستها مما جعلها تأخذ شهادة التوجيهي وهي في سن الثالثة عشر .
وبابتسامتها الرقيقة رغم معاناة السنين التي شهدتها في تنقلها بين سوريا وقطاع غزة أخذت تتحدث عن زواجها بشاب فلسطيني مقيم بسوريا آنذاك في العام 1927 وعمري يتراوح ما بين الثلاثة عشر عام . مضيفة : بكل فخر زوجي حاصل على شهادة الدكتوراه وأنا حاصلة على شهادة الماجستير في علم النفس وأنا لا أمانع القدر فقدت القدرة على الإنجاب هذا ما جعلني ضيقة الصدر وبعد معاناة زوجي لمرض السكري وحاجته الماسة للسفر والمعالجة وعدم مراعاتي من قبل أحد أصبحت تعبة لحد ما فأوصاني دخول هذا المكان باعتباره الأفضل والأريح لي . وأنا مرتاحة جسديا ونفسيا والحمد لله على كل شئ.
يضيق صدري إن لم يأتني أحد
أما الحاجة المسنة رضا عايش والتي تختلف قصتها عن سابقتها. وتعاني من فقدان البصر وظهر جلياً عندما لم تميز الأصوات من أين تتجه . فأخذت بالتحدث قائلة : أنا آنسة لم يسبق لي بالزواج وأنا كفيفة هذا لم يمنعني من متابعة حياتي فحفظت القرآن الكريم من خلال الكتاب على عهدي والحمد لله على فضل ربي . مكملة حديثها: "في زمن المشاغل قليل من يزورني وأنا أتحسس من ذلك ولكن بوجود من حولي لا يضيق صدري فأنا مرتاحة وهذا ينطبق على كل الموجودين في الدار معي" .
أحوال الدار
يقول تعالي "الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير"
ومن هنا انطلقنا ... انطلقنا لنكشف واقع الدار . ومن هذا السياق أشارت الأخت وصفية الحو بأنه المركز الأول الرائد في إيواء ورعاية المسنين والمسنات الذي تأسس في عام 1980 أي أصبح يراوح عمره السبعة والعشرون عاما . حيث أوضحت من شروط المركز أن يقبلوا الحالات التي ليس لهم أبناء ذكور أو آنسة أو مطلقة أو منجبة إناث فقط وينطبق الأمر على الرجال كذلك، وهناك حالات شاذة يمكن القبول بهم مثل المرأة الذي ابنها مغترب أو معاق لا يقدر على أن يعولها وتكون أعمارهم ما فوق الـ60 عام.
أشارت الحو إلي وجود أكثر من فئة في الدار منهم المرضي وفئة المغتربين وفئة العامة (الشعب).
وأكدت على أن من أهدافهم توفير المأوي والخدمات الأساسية (المعيشية- الصحية - الإجتماعية - التأهيلية -الترفيهية) ، والكثير من خلق الروابط والتقوية المجتمعية من جميع الفئات. كما ونقدم الخدمة كاملة للمسن على مدار الساعة من طب وعلاج وترفيه وتنزهات وغير ذلك.
وأشارت من خلال حديثها إلي أن الدار يعود دعمها ونفقتها من تبرعات أهل الخير ومساعدات بعض المؤسسات المحلية والعربية .
0 التعليقات:
إرسال تعليق