م.مني سكيك: الزخارف الإسلامية عبارة عن وحدات هندسية.
م.نشوة الرملاوي: إن الهندسة المعمارية ترتبط ارتباطاً قوياً بالزخارف الإسلامية.
ترتكز الزخرفة الإسلامية على أسس عميقة الجذور تنبع من الدين والتقاليد التي غلب عليها الإسلام منذ أن جاء. وبناء المدن رغم الاختلافات السطحية أو المناخية التي نشاهدها. فهي بمجملها تعكس روحية الدين والخطوط الكبرى التي رسمها لحياة المسلم إجمالاً والعربي تحديداً.
تقرير: فداء عبد الجواد
الزخارف الإسلامية الهندسية بشكلها العام
يعتبر الفن الإسلامي كثير الزخرفة وقد اعتمد على تماثل الأشكال (السيمترية) والوحدات المتكررة فموسيقاها رتيبة، لذا يجب إدخال عنصر التوازن والاتزان بين الوحدات بدون الاعتماد على التكرار المتماثل لإنتاج موسيقي متناغمة.
ففي السياق تحدثت إلينا م.مني سكيك مدير دائرة المشاريع في وزارة التربية والتعليم العالي قائلة: عن الزخرفة الإسلامية أنها عبارة عن وحدات هندسية أو أنها وحدات رياضية يراد بها التفكير الرياضي للوصول إلي حقيقة لا تتعلق بمكان معين ولا بزمان معين، فحقيقة المثلث أو المربع أو الدائرة تظل حقيقة عقلية لتصديقها للمعاني الفعلية في تجردها وانطلاقها.
وأضافت، إن الفنان المسلم أخذ من الطبيعة شجيراتها وأوراقها وإزهارها وحيواناتها بعد تحويرها لتعطي الحركة الداخلية في تداخل الأشكال الهندسية فتدرك العين تلك الحركة من خلال الخطوط المتداخلة وتلك الموسيقي الصادرة عن الأشياء تعبر عنها الحركة الزمانية التي تمثل الديمومة والاستمرارية في حركتها اللانهائية.
وأشارت، إلي الزخرفة الإسلامية بمجملها تحاول تخطي مرحلة التماثل فقد بدأت بأول الأمر متماثلة ثم تنوعت وبدأت مفردة ثم تتابعت في تبادل موسيقي بالتفرغ بخطوط متحركة وديناميكية في تعانق مستمر وتقاطع منتظم كأنها أخذت سمتها من الترديد والأصوات في تبادل صوتي بين الهمس الخافت والرنين الواضح متجاورين أو متقابلين في بحر من التجرد.
وأكدت أن الفنان المسلم غالي في التنوع والتعدد بقصد لتطريب في الأشكال مما ينقل المتأمل وبهذا خرجت الأشكال عن جمودها وستظل الزخرفة الإسلامية تسبيحاً لخالق الكون.
وفيما يخص الزخرفة الإسلامية من مميزات، أوضحت أنه تميزت بجوانب تكمن في العلاقة القائمة بين الوحدات الزخرفية المتكررة والمتنوعة في تكاملها الهندسي واتساقها الفني فالخطوط الهندسية والنظرة الرياضية لعالم الأشياء هو تجريد ذهني للجزئي ليصبح كلياً.
ولهذا أمكن للوحدات الهندسية المتناهية لتكوين أشكالا لا نهائية وبهذا يلتقي فن الأرابسك مع الفن التجريدي في مجال الانطلاق للتعبير عن المطلق.
نشأة الزخارف الإسلامية
نشأت الزخارف الإسلامية مع بداية عهد الخليفة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان حيث كانا منشغلين بالفتوحات الإسلامية وتستمد جذورها من الزخرفة الفارسية وكانت تعتمد على النباتات وأوراق الشجر كعناصر أساسية متداخلة مع بعضها لإعطاء لوحة فنية.
وفي سياق متصل، تحدثت قائلة: إن نشأة هذه الزخارف ومردها ومنبعها هو الإسلام والعروبة ولم يتأثر هذا الفن بالتقاليد والعقائد التي تحكم وتطبع غيره من الفنون الأخرى في الحضارات الأخرى، فلا غرو أن نجد إذاً خلو من هذه النقوش والزخارف الإسلامية والأشكال الهندسية عبر القرون من ذوات الأرواح من إنسان أو حيوان أو غيره من الكائنات، كما إن هذه الزخارف وقفت صامدة عبر الأزمنة المتعاقبة لا تتأثر بما حولها من البلدان المجاورة كالأسلوب الإغريقي مثلاً، والذي سبق هذا النموذج الإسلامي في الوجود، وهذا ما جعل الأسلوب الإسلامي يتمتع بالتفرد والسيادة على مر العصور محافظاً على خصوصيته وتميزه، وعدم ذوبانه في الآخر.
مميزات الزخارف الإسلامية
هناك جملة من المميزات والخصائص التي تميز الزخرفة الإسلامية عن غيرها فذكرت م.سكيك بعضاً منها قائلة: من أهم مميزاتها العناية بالتجديد والابتكار والاعتماد على التطوير المباشر دون نقل، والبعد عن التقليد والتصنع في العديد من الأعمال الزخرفية المختلفة في العمارة والمجالات الأخرى. وأيضا الأصالة في أغلبية الأعمال وهي تعتبر من الأعمال الفطرية لدي الرسام والفنان المسلم، والمبالغة في استعمال الألوان الفطرية دون الدمج بينهما إلا في بعض الحالات القليلة. وكذلك التأثر الواضح بالعقيدة الإسلامية السمحة حيث تلاحظ ولله الحمد عدم وجود الرسوم الزخرفية التي تشمل ذوات الأرواح وعموم الكائنات الحية خاصة في الرسوم التي بداخل المساجد، والبعد عن التجسيم حيث لا تستهدف الزخرفة الإسلامية البعد الثالث كما هو الحال في بعض الزخارف في الفنون الإسلامية المنتشرة في الكثير من المساجد والقصور القديمة وأيضا الحديثة.
وأنهت حديثها قائلة: إن وزارة التربية والتعليم العالي قامت بعمل دورة شاملة عن الزخارف الإسلامية في حضارة فلسطين لمعرفة ما هي الزخارف الإسلامية الموجودة بفلسطين.
أنواع الزخارف الإسلامية
تتمثل الزخرفة الإسلامية بعدة عناصر قائمة عليها، ففي هذا السياق تحدثت إلينا م.نشوة الرملاوي من مركز إيوان لعمارة التراث في الجامعة الإسلامية قائلة: اعتمد الفنان العربي في تجميل منتجاته الفنية وزخرفتها على العناصر الخطية والنباتية والهندسية والأشكال الآدمية والحيوانية عن طريق حساسيته الفطرية.. وحقق في هذه الأعمال الرشاقة والاتزان.
وأوضحت، إن الفنان العربي استعمل الكتابة في أول الأمر على المنتجات الفنية. فكانت من مسؤوليته العناية بالخط العربي وتطويعه واستعماله من أولي اهتماماته.
الهندسة والزخارف الإسلامية
الهندسة المعمارية من أكثر أنواع الهندسة ارتباطا في الزخارف الإسلامية، فأعربت م. الرملاوي في مطلع حديثا عن تعريف الهندسة المعمارية على أنها العلم الخاص بفنون البناء وما يتعلق فيه.
وأشارت إلي إن الهندسة تختلف من استعمالها لشخص إلي آخر وتبرز أهميتها في إيجاد الفراغات على أسس علمية مدروسة.
ومن جانبها، أكدت على إن هناك علاقة قوية وارتباط قوي ما بين الهندسة والزخرف الإسلامي، حيث أن الهندسة تعطي التصاميم للزخارف الإسلامية، وأيضا تحتاج الأخيرة إلي مهندسين من دراسات ومحاولات لإنتاج الزخرف الإسلامي.
وأشارت إلي أنه كل زخرفة يتم تصميمها بنسب معينة ونمط معين وأشكال وتكرارات مناسبة لها وحدات أساسية ترتكز عليها.
وأوضحت، إن دور الهندسة قام بإدخال الحسابات إلي الزخرف الإسلامي من خلال استخدام النسب لاستخراج زخرف متناسق ومتناسب يعطي إيحاء روحاني جميل.
ارتباط الزخارف الهندسية في الزخرفة الإسلامية
تعتبر الزخارف الهندسية عنصرا أساسا من عناصر الزخرفة الإسلامية فأكدت م.الرملاوي على أنه منذ العصر الأموي اتجه الفنان العربي إلي الزخارف الهندسية واستعملها استعمالا ابتكارياً لم يظهر في حضارة من الحضارات وثم شاع استعمال الزخارف الهندسية في العمائر والمخطوطات والتحف المختلفة سواء من الجص أو الخزف أم النسيج أم المعادن والرخام إلي آخره. وكان الأساس الذي أتي عليه الفنان العربي وزخارفه الهندسية هو الأشكال البسيطة كالمستقيمات والمربعات والمثلثات والدوائر المتماسكة والمتقاطعة والأشكال السداسية والثمانية والأشكال المتفرغة من كل ذلك. مؤكدة إن الزخارف الهندسية تنقل للرائي إحساس بالسكون كما يبدو فيها في بعض الأحيان إحساس بالحركة نتيجة في استعمال الخامات المختلفة الألوان وتبادل الظل والنور على الأجزاء الغائرة والبارزة في الزخارف. فهذا كله يربط ما بين علم الهندسة والزخارف الإسلامية.
الزخارف الإسلامية في الحضارات السابقة
تتعدد الطرز والطرائق والأنماط التي تميز كل عصر وزمان عن غيره من الأزمنة وتبعاً لتعدد هذه الطرق كان يكمن هنا التنوع.
فمن الجدير بالذكر أنه نشأ الفن الإسلامي في عصر بني أمية وكان الطراز الأموي الذي ينسب إليهم أول الطرز أو المدارس في الفن الإسلامي، حيث يقف الجامع الأموي نموذجاً من نماذج العمارة الإسلامية الفريدة في هذا العصر، فلما جاءت الفتوحات العربية امتدت السيادة الفنية في عصرهم آنذاك.
وأيضاً هناك الطراز العباسي وكان الثاني من الطرز الإسلامية التي قامت في العراق حيث انتقلت السيادة في العالم الإسلامي منذ ذلك الحين إلي العراق فتعتبر مدينة سامراء النموذج الواضح لأسلوب الطراز العباسي والتي بناها المعتصم عام 836م.
وكذلك الطراز المغربي ولعل أوضح مثال له هو قصر الحمراء بغرناطة بالأندلس والطراز المصري والسوري حيث بلغ فن الحفر والنقش والزخرفة في الأواني والتحف والأشغال الخشبية ذروته في هذين القطرين.
وفي الطراز الأيوبي الذي هو ينسب إلي عصر الأيوبيين الذين حكموا مصر وسوريا وانتشر فيه نماذج متعددة من الزخارف.
ولا يمكننا أن ننسي الطراز المملوكي وهو كذلك في سوريا ومصر حيث انتشرت الكثير من القصور والمساجد والمدارس التي اشتهرت بالأشكال النجمية التي تتبع الزخارف الهندسية.
شخصية الفن الإسلامي
كانت أول مظاهر الشخصية الإسلامية تأكيد الفلسفة الشرقية من أن الإنسان جزء من هذا الكون الواسع وأن القدرة الإلهية المسيطرة على هذا الوجود. وتبلورت شخصية الفن الإسلامي وإرادته الجديدة في ظواهر هامة تمت بطريقة تلقائية داخل إطار الفلسفة الشرقية العامة.
فمن أهم هذه الظواهر كراهية تمثيل الكاثنات الحية ويرجع سبب ذلك إلي الرغبة في البعد عن المظاهر الوثنية المتمثلة في عبادة الأشخاص والأصنام. وأيضا التقشف فدعت العقيدة الإسلامية إلي البعد عن مظاهر الترف فاتجهت جهود المسلمين إلي البناء والعمل والبعد عن الفخامة الزائدة. وكذلك الاهتمام بزخرف السطوح وشغل الفراغ حيث اهتم الفنان العربي اهتماماً كبيراً بزخرفة سطوح الأشياء سواء كان في العمائر أو الأواني أم التماثيل بحيث كان لا يترك فراغاً من غير زخرفة. فكان عندما يبتكر إناء أو تحفة حتى ولو كانت على شكل حيوان أو طائر يغطي سطحها بالزخارف التي كانت تسلبها مظهرها الطبيعي سلباً معنوياً، بينما كانت تكسبها سحراً ورشاقة لا نظير لها.
الزخارف الإسلامية في فلسطين
وعلى وجه الخصوص فإن الزخارف الإسلامية في فلسطين تكمن أهميتها المتمثلة في المباني التي ظهرت فيها الزخارف فمن أهم معالمها قبة الصخرة التي بنيت بإتقان تام وكذلك المسجد الأقصى المملئ بالمزركشات والزخارف الإسلامية التي توحي لنا إيحاء روحاني يتجسد منه فيما سخر لإثبات وحدانية الله سبحانه وتعالي.
ومن الجدير بالذكر أيضا أن قطاع غزة يحتوي على الآثار التي توجد بها رسومات الزخارف الإسلامية في بعض المساجد مثل الشيخ زايد وقصر الباشا ومطعم المتحف الذي بدأ يشتغل على بعض الزخارف داخله.
وفي الختام
للزخرفة العربية الإسلامية مزاياها وأشكالها الخاصة التي تميزها عن سواها من زخرفة غربية أو أسيوية أو أفريقية ولا غرو أن هذه الزخرفة المستمدة من تراث شرقي_عربي قديم غلب عليها منذ مجئ الإسلام الطابع الديني ومازال حتى يومنا. وهذا الطابع لا يخضع لمنظومة موحدة، خصوصاً وأنه تطبع بالأشكال والألوان والمواد المستعملة التي كانت سائدة في العالم الذي دخله الإسلام وهذا العالم كبير يمتد من الصين حتى الأطلس.
0 التعليقات:
إرسال تعليق