"فلوس ودستان" .. !!

بقلم/ فداء محمد عبد الجواد
قاعة واسعة، وكراسي كثيرة، أمامها طاولات عديدة، وطلاب التدريب يستمعون إلى مدربهم.. وفجأة لمحت إحدى المتدربات الطاولة المقابلة لطاولتها، وخلفِها صديقتين متجاورتين المجلس، وعيناها ترقب ما يدور أمامها، فأخذت إحدى الصديقتين بطريقة ملتوية تتضاحك مع زميلتِها، وتنتهز الفرصة لتنثر تحت قدميها من "دستانِ" الأخيرة مبلغ من المال، وألقتها تحت نعلِها لتنتعها إلى اليسارِ من مقعدها وتلتقطها بيديها الصغيرتين لتضعها في حقيبتِها، والكل مُنشغل بالحوار الجاري آنذاك.. فماذا بعد هذا الموقف؟؟
شعور خالج نفسها في لحظتِها، وإذ بقلبها ينتفض انتفاضة يقشعر منها بدنها لموقف كهذا من زميلة ذاتَ وقار.. كلمات سمعتها منها فهذا على حد قولها.
فيعتبر هذا انحراف سلوكي، فالانحراف السلوكي علمياً عبارة عن سلوك خاطئ خارج عن النفس البشرية وعن الثقافة الايجابية والأخلاق الدينية السائدة في المجتمع.
وهذا الانحراف له مواضع منها، موضع امتهان الانحراف بقضية ما مثلاً السرقة، ومنها ما هو مرض نفسي عند الفتاة أو أحد الأشخاص.
هذا الموقف يمر به البعض أينما كانوا، وظاهرة موجودة لكننا لا نتحدث فيها من أجلِ أخلاقنا التي لا تسمح لنا بالبوحِ فيها، ولكن هو بحاجة للمعالجة والنظر إليه، فيُذكرني بحادثة آخري حصلت أيضاً معي قبلَ ذلك، وفي مكان عمل سُرق من "دستاني" الموجود بحقيبتي مبلغ من المال، فعقلي دار فيه صراع الخير والشر، وساورني حديثي مع نفسي هل يمكن أن تكون صديقتي فعلت بي هذا، ولماذا؟؟ فهي ليست بحاجة للمال، إذن إلى أين نصِل نحنُ كمجتمعٍ نشأَ في ظلِ عاداتٍ وتقاليد تُعتبر جيدةَ إلى حدٍ ما؟؟، فعلمونا أهالينا مُنذُ صِغرِنا على مبدأين، مبدأ الصراحة ومبدأ الأمانة والصدق، فالسرِقة تتنافى مع المبدأ الأخير.
"أدوا الأماناتِ إلى أهلِها"، آية قرآنية فياضةً بمعانٍ قوية تُلِمُ القارئ برغبة تهيئة نفسه مع ما يتناسب من أخلاقٍ ومكارمٍ للدين الإسلامي. فالدينِ يُحثُنا على إرجاعِ الأمانات، فما بالنا إن اتخذنا سلوكاً انحرافياً وفعلنا العكس من خلالِ السرقة.
هذا لا يعني أن العادات والتقاليد ايجابية بشكلها الكامل، بالعكس هي تحضُ على الازدياد بالموقفِ من خجلِ الأهلْ بوجودِ أحدَ أفرادِ أُسرتُهم على سلوك انحرافي، وبالذاتِ الفتاة، فيمنعهم من المعالجة عند المختص النفسي، فيخجلون من حديثِ الناس لو عرِفوا بهذا، فبالطبع ينبذهم الآخرين ، وعلى العموم لو بقينا في قوقعةِ الحديثِ للناس "وهذا راح وهذا أجي وفلان عمل وفلان مات" فإننا لا نخلصْ من ملماتِ أقاويلِ الناس. فهي عادة سيئة تُطال المجتمع بأكملِه، "فاليوم لكَ وغداً عليكَ".
أما الحالة النفسية التي تستثيرُ عقلَ الفتاة أو غيرِها، فهي غير طبيعية تؤدي للصراعِ الذاتي بين طبيعتِها الخيّرة والشريرة، لتصبِح وجبة سريعة للمرضِ النفسي لهذا الانحراف السلوكي. لذلك على كُلِ من يشعرُ أو يحسُ أن ابنه أو ابنته اختلف في سلوكِه فليتوجه للمختص النفسي، فهو الأفضل حلاً والأمثل لجميعِنا مهما صار قبلَ تطورُ الحالة.
والانحراف السلوكي بقضية السرقة له منحنى قانوني في الدستور الفلسطيني، حيثُ أنَ السرقةَ يُعاقب عليها القانون لكلا الجنسين (رجال ونساء)(شباب وفتيات)، وهناكَ عذرٌ مخفف لحالة المرض النفسي إن اُكتشف، لكن نحن لا نُريد أن نرمي أبنائنا تحت طائلة الأحكام القانونية، فمن الجدير أن نحاول منذ الصغر تنشئتهم تنشئة صحيحة، ومراقبتِهم ومحاورتِهم، وحتى التنفيس عن الذات لطبيبٍ نفسي ليست بمشكلة، المُهم أن نضمن سلامة الجميع. ولو حاولنا التقرب إلى الدين الإسلامي سنصل إلى نهاية الطريق الصحيح.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
من لم يكن طعامه من فأسه .... لم يكن قراره من رأسه © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger
Top