كتابة شهادة الوفاة للمصانع ... منها ما أنهكها الحصار وأخري طحنتها جنازير دبابات وصواريخ الاحتلال
*****************************************
عمال وأصحاب المصانع : تحولنا إلي جياع وعاطلين عن العمل وصرختنا سمعها العالم ولم يفعل شيئا
*****************************************
تحقيق / فداء محمد عبد الجواد
يتعرض الاقتصاد الفلسطيني منذ سنوات لحرب تدمير ممنهجة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وتجلي هذا التدمير خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة من خلال تدمير وقصف 2500 منشأة صناعية لتنفيذ رغبته في شل الاقتصاد وكانت المصانع التي تعتبر عجلة الاقتصاد الفلسطيني عرضة للتدمير بعدة طرق أخطرها كان في بداية انتفاضة الأقصى التي اندلعت فى سبتمبر عام2000 من خلال الحصار ومنع وصول المواد الخام إلي تلك المصانع وكذلك عدم القدرة نتيجة الحصار علي استيراد الآلات الجديدة لتلك المصانع إلي أن جاءت الضربة القاضية الأخيرة للقطاع الصناعي والمتمثلة بتدمير شامل لتلك المصانع خلال الحرب الأخيرة علي غزة ليفقد الاقتصاد الفلسطيني المنهك رئة هامة وحول هذا الموضوع وتبعاته وأثاره كان لنا هذا التحقيق .......
أصحاب مصانع مدمرة
حالة من الذهول ممزوجة بالحزن والألم يعيشها المواطن تيسير أبو عيده والذي كان يمتلك عددا من مصانع الباطون الجاهز وكذلك منزلا فى شرق جباليا شمال قطاع غزة حولهما الاحتلال بين لحظة وضحاها إلى كومة من الركام، لتدفن معها مصادر رزق العشرات من العائلات التي كانت تعتاش من وراءها.
وقال أبو عيده وهو يتفقد الدمار والخراب الذي لحق بمصانعه إن خسائره المادية خلال العدوان تقدر بأكثر من 10 مليون دولار.
وكان مصنع أبو عيده يعد أكبر مصنع للباطون الجاهز بشمال القطاع ، وتحولت المنشأة الضخمة إلى أنقاض لا معالم لها.
وأضاف وهو يشير إلى الدمار الهائل الذي لحق بمنشآت مصنعه "هذا الدمار شاهد على العدوان الإسرائيلي الذي امتد على مدى 23 يوما".
وأوضح أبو عيده أن اقتصاد غزة كان متعثرا حتى قبل الحرب بفعل أكثر من عامين من الحصار الإسرائيلي الظالم مشيرا إلى منع مواد البناء من دخول القطاع الأمر الذي زاد من خسائر هذا القطاع الحيوي وأضاف "ثم جاءت الحرب ودمرت كل شيء وما لم يدمر خلال الحصار الإسرائيلي قضت عليه القنابل والدبابات الإسرائيلية".
ومن جانب آخر قال المواطن حسن جابر صاحب مصنع آخر للباطون بشمال القطاع إنه كافح للمحافظة على مصنعه بعد الحصار، وأنه قام بتقليص عدد العمال إلا إن كافة محاولاته باءت بالفشل وأنه اضطر إلى إغلاق المصنع بسبب نفاذ مواد البناء من القطاع.
وأضاف "ما أذهلني فعلا هو أن التدمير كان متعمدا مشيرا إلى حفرة كبيرة في الأرض بجوار مصنعه قامت بها جرافة إسرائيلية لتمهيد ممر تدخل من خلاله إلى المصنع وكانت آثار الجرافات والدبابات ظاهرة للعيان فوق السقف المدمر الذي داسته آله الحرب الإسرائيلية".
تدمير متعمد
وهذا مصنع البلاستيك في محافظة خان يونس لصاحبه أبو محمد كان له نفس المصير فقد تحدث لنا قائلا: أثر الحصار على الإنتاج وعلى التسويق بنسبة 50% فبالتالي أدي إلي قلة المبيعات وأيضا جاءت الحرب على تبعات الحصار فقد أصيب بدمار بسبب قصف متعمد مبني بجوار المصنع. ومن ناحية آخري أشار بأنه ليس هناك إمكانيات متوفرة للعمل حاليا وتعادل نسبة 25% من حصيلة المصنع. وأوضح انه لو في حال تم تعرض القطاع إلي حرب آخري فسوف يؤدي ذلك لإغلاق المصنع بشكل كامل حيث سيجعلنا نوقف العمل.
وفي السياق ذاته يصيب مصنع الستار لصاحبه المهندس بشير مرتجي ما أصاب سابقاته، حيث بدأ يحدثنا عن التدمير الذي أصاب مصنعه قائلا: لقد تعرض المصنع للقصف في سائر أرجاء المنطقة مما أدي إلي تدمير 70% من الأسقف والأسوار وكذلك تدمير 70% من المكن وخطوط الإنتاج. أما خط التشميع التابع للمصنع فأنه تدمر بشكل شبه كامل حيث استحالة تشغيل المكن من جديد لعدم وجود مواد بناء وقطع غيار متوفرة في القطاع. ولقد قمنا بخط تعبئة المياه الغازية والعصائر بعد استغراق مدة شهر في عملية تجميعه. وأشار إلي انه لم نستطع العودة إلي العمل بشكل طبيعي لوجود وقف تام في المكن والمواد الخام حيث أشر كل هذا على العمال لدينا فتم تقليص عددهم لانحصار العمل.
إحصائيات وأرقام
استهدفت قوات الاحتلال منذ اندلاع انتفاضة الأقصى ما يقارب من 301مصنعا كان يعمل بها ما يقارب من 3211عاملا معظمهم فقد عمله وانضم الي جيش البطالة فى قطاع غزة التي قاربت من 70% بالإضافة إلي تدمير عشرات المصانع الورش خلال الحرب الأخيرة علي قطاع غزة وبعد 21 يوماً من الحرب على غزة، تبين أن القطاع الصناعي هو الأكثر تضرراً من حيث الخسائر الكبيرة في قطاع الأعمال مبيناً أن حوالي 324 شركة إنتاجية ومصنعا قد دمرت منها ما نسبته 44% قد دمر جزئياً و56% قد دمر كلياً .أكثر من 90% من المصانع والشركات المدمرة توجد في مدينة غزة وفي شمال القطاع.
عدد وأنواع الصناعات التي أصابها الدمار
وفي الحرب الأخيرة علي قطاع غزة بلغت الخسائر 240مليون دولار وتم تدمير أكثر من 700منشأة صناعية خلال الحرب بشكل كامل موزعة علي محافظات القطاع في شمال القطاع بلغت خسائر القطاع الصناعي 100مليون دولار وفي محافظة الوسطي 15مليون دولار أما في محافظات الجنوب بلغت 40.5مليون دولار.
حيث أن مختلف الصناعات طالها التدمير موزعة علي الصناعات الإنشائية التي تم تدمير231 منشأة فيها وكذلك الصناعات المعدنية 140مصنعا والصناعات الغذائية 63مصنعا والصناعات الخشبية 70منشاة ومصنعا والصناعات الكهربائية21مصنعا.
نداء عاجل
ووجه أصحاب المصانع المدمرة والعمل نداءا عاجلا إلي الدول العربية الشقيقة والعالم الحر من أجل التحرك لإنقاذ ما تبقى من القطاع الصناعي والعمل علي تقديم مساعدات عاجلة لأسر هؤلاء الذين انقطعت بهم السبل وأصبحوا يبحثون عن لقمة عيش لأطفالهم ينتظرون شفقة المؤسسات التي هم كانوا يقدمون لها المساعدة ليستجدونها للحصول علي كبونه.
ووصف هؤلاء الوضع بالكارثة والصعب خاصة فى ظل عدم وجود أفق لانفراج الأوضاع السياسية والاقتصادية فى قطاع غزة المحاصر
ونشير هنا ان الاحتلال الإسرائيلي تعمد فى تدمير اكبر منطقة صناعية فى قطاع غزة وهي المنطقة الصناعية فى بيت حانون من خلال تدميرها بالكامل وقدكان يعمل فيها أكثر من 5100عامل ومهني فلسطيني وعطل كذلك إنشاء منطقة صناعية جديدة بتمويل تركي فى بيت حانون.
وأخيرا يبقى الاقتصاد الفلسطيني رهينة في يد المحتل لأنه يعتبر أن قوة الاقتصاد في أي دولة هي المقوم الأساس لإنشاء كيان يعتمد علي ذاته وليس علي الآخرين.
0 التعليقات:
إرسال تعليق